44 حالة منذ مطلع العام.. مركز حقوقي يتهم إيران باستخدام الإعدامات لقمع النساء
44 حالة منذ مطلع العام.. مركز حقوقي يتهم إيران باستخدام الإعدامات لقمع النساء
كشف مركز حقوق الإنسان في إيران في تقرير له عن تنفيذ السلطات الإيرانية أحكام الإعدام بحق 44 امرأة منذ مطلع العام الجاري في مناطق شرق كردستان وإيران، محذراً من أن عقوبة الإعدام باتت تُستَخدم بشكل متزايد أداة للضغط السياسي والاجتماعي والاقتصادي على النساء.
ويأتي هذا التحذير في سياق تقارير حقوقية متكررة تشير إلى تصاعد الانتهاكات ضد النساء في إيران وشرق كردستان، خصوصاً في أوساط المعتقلات السياسيات والنشطات الحقوقيات وفق ما نشرته وكالة أنباء هاوار السبت.
وأكد التقرير أن المعتقلات السياسيات يُحتجزن في أوضاع بعيدة تماماً عن المعايير الإنسانية والقانونية، حيث يتعرضن للتهديد والضغط النفسي بشكل يومي، ويعشن في أماكن مكتظة ويفتقدن لأبسط الخدمات الأساسية، ما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية بشكل متسارع.
ويشير التقرير إلى أن هذه الظروف تشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والمواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها إيران.
الإعدام أداة للضغط
وأوضح التقرير أن عقوبة الإعدام لم تعد مقتصرة على الجرائم الجنائية التقليدية، بل تُستخدم أحياناً أداة للضغط السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ما يجعل النساء أكثر عرضة للتمييز والاضطهاد.
ويشير المركز إلى أن النساء في شرق كردستان وإيران منذ أكثر من أربعة عقود يواجهن سياسات ممنهجة من التمييز والتقييد، غير أنهن يواصلن نضالهن من أجل الحرية والمساواة، ويلعبن دوراً محورياً في مواجهة القمع وبناء مجتمع أكثر عدالة.
وأضاف التقرير أن استمرار السلطات في هذه السياسات يعكس غياب الإرادة السياسية لتطبيق القوانين الدولية المتعلقة بحقوق المرأة وحقوق الإنسان، ويبرز الحاجة إلى تدخل المجتمع الدولي لمنع المزيد من الانتهاكات.
آراء أممية وحقوقية
أدانت منظمات حقوق الإنسان الدولية مراراً، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، تنفيذ أحكام الإعدام خاصة بحق النساء، معتبرةً ذلك جزءاً من نمط مستمر من القمع ضد النساء والمعارضين السياسيين في إيران، وأكدت المنظمات أن استخدام الإعدام وسيلة للضغط السياسي يُعد خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويشكل تهديداً مباشرًا لحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية في البلاد.
وفي تقارير سابقة، عبرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء تصاعد حالات الإعدام، مشددة على ضرورة احترام إيران للالتزامات الدولية المتعلقة بحماية حياة الأفراد وضمان حقوقهم الأساسية، وذكرت المفوضية أن استمرار الإعدام خارج نطاق العدالة، أو دون محاكمات شفافة ونزيهة، يعكس نمطاً ممنهجاً من القمع والاستهداف للنساء الناشطات سياسياً واجتماعياً.
وأكدت المنظمات الدولية أن الدعم الدولي للنساء الإيرانيات والنشطات في شرق كردستان أمر حيوي لضمان حماية حقوقهن، والمساعدة في فضح الانتهاكات ومنع تكرارها، خصوصاً في بيئة سياسية مضطربة تسعى بعض الجهات فيها لاستغلال القضاء وسلطاته لتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية على حساب النساء.
الإيرانيات والنضال المستمر
يبرز التقرير أن النساء في شرق كردستان وإيران لم يكن نضالهن فقط من أجل حقوقهن الفردية، بل شمل الدفاع عن حقوق المجتمعات بأكملها، ومواجهة سياسات القمع والتمييز الهيكلي منذ عقود.
ويشير المركز إلى أن التاريخ الطويل للنساء في المنطقة يثبت إصرارهن على الدفاع عن حقوقهن رغم المخاطر الكبيرة التي تهدد حياتهن وحريتهن.
ويقول التقرير إن النساء يواجهن تهديدات يومية تشمل المراقبة، الاعتقال التعسفي، الضغوط النفسية، وفرض القيود على العمل والتعليم والمشاركة الاجتماعية، ما يجعل قضاياهن محورية في تقييم الوضع الحقوقي في إيران وشرق كردستان.
وتستمر هذه التحديات في تشكيل بيئة قمعية معقدة، خصوصاً في ظل غياب رقابة قانونية مستقلة وعدم وجود آليات فعالة لحماية حقوق المرأة.
دعوة المجتمع الدولي للتحرك
دعا مركز حقوق الإنسان في إيران المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح لوقف عقوبة الإعدام وإدانة الانتهاكات المستمرة، ودعم جهود حماية النساء في شرق كردستان وإيران، وشدد على ضرورة توفير آليات رقابية دولية لضمان التزام السلطات الإيرانية بالمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنها حق الحياة والحق في المحاكمة العادلة.
وحث التقرير المنظمات الحقوقية على تكثيف الدعم النفسي والقانوني للنساء المعتقلات، والعمل على توثيق الانتهاكات لتقديمها إلى الهيئات الدولية المختصة، ما يسهم في حماية الحقوق الأساسية ومنع تكرار الانتهاكات، وأكد أن استمرارية النضال النسوي في المنطقة تثبت أن النساء يملكن القدرة على الصمود والمقاومة رغم ظروف القمع المتواصلة، وأن المجتمع الدولي مطالب بدعم هذا الصمود وحمايته.
تواجه إيران منذ عقود تحديات حقوقية كبيرة، خصوصاً ما يتعلق منها بحقوق المرأة، حيث تراكمت سياسات التمييز والقيود الاجتماعية والسياسية على النساء منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وشملت منعهن من المشاركة الكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية، وفرض قيود على التعليم والعمل والتنقل.
ويشكل استخدام عقوبة الإعدام أداة للضغط الاجتماعي والسياسي جزءاً من استراتيجيات القمع التي طالت النساء المعارضات للنظام، ومنهن الناشطات في حقوق الإنسان والصحفيات والمثقفات، وتشير التقارير الحقوقية إلى أن المحاكمات غالباً ما تكون غير شفافة، وأن النساء لا يحصلن على محاكمة عادلة، في خرق صارخ للقوانين الدولية والمواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان والمرأة.
وترى الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية أن معالجة هذا الوضع تتطلب تدخل المجتمع الدولي عبر الضغط السياسي والاقتصادي، فضلاً عن دعم منظمات المجتمع المدني في إيران وشرق كردستان، لضمان احترام حقوق النساء وتوفير بيئة آمنة تمكنهن من ممارسة حقوقهن وحرياتهن الأساسية. وتشكل هذه الجهود جزءاً من استراتيجية عالمية لحماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة والمساواة في البلدان التي تشهد انتهاكات ممنهجة للقانون الدولي.











